Skip to main content
الثلاثاء, 08 تشرين أول 2024

"الإنسان كدجاجة".. هكذا حولنا التسويق إلى مجرد سلعة الأربعاء 03 نيسان 2019عدد المشاهدات 2147

وكالة قبس نيوز

إعلان

بغداد  قبس نيوز 

في فيلم شارلي شابلن الشهير "الجري وراء الذهب" (gold rush) يجتمع شارلي شابلن برجل سمين "جشع" في كوخ صغير في أعلى الجبل، وقد منعتهما عاصفة ثلجية من الخروج، وكان قد استبد بهما الجوع، فلم يكونا قد تناولا الطعام لعدة أيام، وليس أمامهما من وسيلة للعثور على أي طعام بسبب العاصفة الثلجية، حتى إن شارلي شابلن بدأ في طهو حذائه وشرع في تناوله بالشوكة والسكين، وعندما كان صاحبه السمين لا يكفيه تناول الحذاء الجلدي، فبدأ النظر إلى شارلي شابلن بنظرة اشتهاء واضحة، حتى جعله الجوع في الدقيقة 17 من الفيلم أن يتخيل شابلن في هيئة دجاجة ضخمة، ويبدأ في محاولة اصطياده وذبحه، لكن الأمر لم يتعلق فقط بهيئة الدجاجة التي تخيلها الرجل السمين، بل عندما أفاق الرجل من وهمه قرر أن يأكل شارلي شابلن مهما كانت هيئته دجاجة أو إنسانا.

صوّر ذلك الفيلم وهذا المشهد عالمنا اليوم، حيث أصبح الإنسان مثل الدجاجة ومثل عبوة المياه الغازية، الجميع سلع تُباع وتُشترى، ولم يعد هناك إلا منطق السوق والاقتصاد والتقانة، وإذا جمعتك المصادفة برجل أعمال أو مستثمر أو حتى شاب في منتصف العشرينيات من عمره في مكان جميل على شاطئ البحر فإذا به يقول لك: "إن هذا المكان رائع لإقامة فندق خمسة نجوم، أو إذا اصطحبته إلى تايلاند وصادفتما في الطريق فتاة جميلة في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة من عمرها قال لك إن هذه الفتاة يمكن أن تصبح مصدرا رائعا للربح لو استُخدمت في بيت للبغاء". (1)

  

هكذا أصبح التفكير السائد هو تفكير البيع والشراء، وكيف تُسَوِّق نفسك، أي تصبح بائعا ومستثمرا، ليس فقط بشكل تجاري، بل بشكل ذاتي، تردد كلمات سطحية قصيرة مقتطعة من عدة سياقات تتحدث عن أهمية العمل والنجاح فيصفق لك الجميع، وكيف تنجح في تسويق نفسك فتصبح "مسوقا محترفا" مثل عناوين بعض الدورات التعليمية في السوق، لتصبح قادرا على بيع أي شيء وأي سلعة مهما كنت غير مقتنع بها، بل تصبح قادرا على بيع ذاتك نفسها، فتوهم الجميع أنك شخص ناجح وخارق للعادة وتفهم في كل شيء، كما قال الراحل أحمد خالد توفيق: "المهم في مصر أن تبدو ليس أن تكون"، وكيف أثّر هذا التفكير على كل مناحي الحياة والثقافة، حتى أصبحنا جميعا نفكر بالمنطق نفسه، منطق السوق والربح والخسارة والبيع والشراء.

إعلان